رهان العراق على الطاقة الشمسية.. هل تنجح؟


المدى/خاص
أعلنت وزارة الزراعة، اليوم الأحد، عن اعتماد الزراعة الذكية والمستدامة كخيار استراتيجي لمواجهة شح المياه والتغيرات المناخية، مؤكدة أن هذه الآلية ستوفر فرص عمل وتُحسّن الواقع البيئي في البلاد.

وقال المتحدث باسم الوزارة، مهدي سهر، في تصريح صحفي تابعته (المدى)، إن “الوزارة تنفذ سياسة زراعية تهدف إلى مواجهة تحديات شح المياه والتغيرات المناخية من خلال تبني نهج الزراعة الذكية مناخياً، بما يسهم في التكيف مع هذه المتغيرات وتقليل كُلف الإنتاج الزراعي”.

وأضاف أن “الوزارة تتجه حاليًا نحو استخدام الطاقة النظيفة، لا سيما الطاقة الشمسية، في تشغيل مختلف المشاريع الزراعية”، موضحًا أن “ذلك يشمل تشغيل منظومات الري بالتنقيط، والثابتة، والمحورية، بالإضافة إلى تشغيل المضخات الزراعية باستخدام الطاقة الشمسية، وكذلك مشاريع الثروة الحيوانية”.

وأشار سهر إلى أن “هذا التوجه يمثل خطوة مهمة في دعم استدامة الإنتاج الزراعي، وتقليل التكاليف، وتحسين الواقع البيئي، فضلاً عن توفير فرص عمل جديدة في القطاع الزراعي”، مبيناً أن “المشروع يتم بالتعاون مع مبادرة البنك المركزي العراقي، التي تهدف إلى تمويل المشاريع الزراعية العاملة بالطاقة الشمسية”.

من جانبه، يرى الخبير الزراعي سلوان خضير أن توجه وزارة الزراعة نحو اعتماد الزراعة الذكية والطاقة المتجددة يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه مشروط بتذليل مجموعة من العقبات.

وقال في حديث لـ(المدى): إن “نجاح هذا المشروع يعتمد على وجود دعم حكومي فعلي للفلاحين والمزارعين، عبر تسهيلات مالية وتقنية، لأن تكلفة منظومات الطاقة الشمسية وأنظمة الري الحديثة لا تزال مرتفعة بالنسبة لشريحة واسعة منهم”.

وأضاف أن “التجارب المماثلة في بعض دول المنطقة، مثل الأردن والسعودية، أثبتت أن الاستثمار في الزراعة الذكية أسهم في تقليل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 40%، وخفض كلف الإنتاج بما يقارب 30%، وهو ما يمكن للعراق الاستفادة منه في ظل الأزمة المائية الحالية”.

وأكد خضير أن “التحدي الأكبر يكمن في البنية التحتية، لاسيما الحاجة إلى شبكات نقل وتوزيع حديثة، وتأهيل الكوادر الزراعية والفنية على استخدام هذه الأنظمة”، داعياً إلى “إنشاء مراكز إرشاد زراعي متخصصة لتدريب المزارعين على تقنيات الزراعة الذكية وإدارة الموارد المائية بكفاءة”.

ويعاني العراق منذ سنوات من أزمة مائية خانقة نتيجة تراجع الإيرادات النهرية من دجلة والفرات بفعل السدود المقامة في دول الجوار، إضافة إلى تفاقم آثار التغيرات المناخية، إذ يُصنّف البلد ضمن أكثر الدول هشاشة في مواجهة التصحر وارتفاع درجات الحرارة.

وكانت تقارير أممية قد حذرت من أن العراق قد يفقد ما يقارب 20% من موارده المائية بحلول عام 2030 إذا لم يعتمد استراتيجيات واضحة لإدارة المياه. كما أن الأراضي الزراعية المتضررة من الجفاف والتملح في تزايد مستمر، ما أدى إلى تقلص المساحات المزروعة وهجرة آلاف الفلاحين من الريف إلى المدن.

في هذا السياق، تُعد مبادرة “الزراعة الذكية مناخياً” إحدى الأدوات المهمة للتكيف مع هذه التحديات، إذ تعتمد على تقنيات حديثة مثل الري بالتنقيط، الاستشعار عن بعد، والطاقة المتجددة، بهدف ترشيد استهلاك المياه ورفع الإنتاجية الزراعية.

ويرى مراقبون أن نجاح المشروع الجديد يتوقف على حجم الدعم الذي سيُقدم للفلاحين، ومدى قدرة المؤسسات الحكومية على توفير منظومات الطاقة الشمسية بأسعار مدعومة. كما أن إشراك القطاع الخاص والمستثمرين في تمويل هذه المشاريع سيُسهم في تسريع خطوات الانتقال نحو زراعة مستدامة وذكية.

وبينما تراهن وزارة الزراعة على هذه السياسة لمواجهة الأزمة المائية والتغيرات المناخية، يبقى السؤال مطروحاً: هل يمتلك العراق القدرة على تحويل هذه الرؤية إلى واقع عملي شامل، أم أنها ستبقى محصورة في مشاريع تجريبية محدودة؟



Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *